محتوي المقال
كثيرًا ما نسمع عن إصابة قطع الرباط الصليبي بين لاعبي الكرة أو الرياضيين بصفة عامة، وهي إصابة صعبة وذات سمعة سيئة على ما يبدو! حيث يغيب بسببها اللاعب المصاب عن الملاعب مدةً طويلة، ويظل بعدها محاطًا بمنشورات الأسف وبيانات الدعم والتمنيات بالشفاء والعودة العاجلة للملاعب من زملائه ومن جمهور فريقه على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال الوسائط الإعلامية المختلفة.
فما الذي يخبرنا به الطب عن هذه الإصابة؟ وما هي طبيعتها؟ وكيف يتم علاجها؟ وهل الجراحة هي الحل الأوحد لجميع حالات الإصابة؟ وما هي عملية الرباط الصليبي بالمنظار الجراحي؟ وهل تعود الركبة إلى طبيعتها بعد إجراء هذه العملية؟
الركبة والأربطة:
الأربطة هي إحدى العناصر الوظيفية الهامة في الجهاز الحركي للإنسان، ولا يخلو منها مفصل من المفاصل، وكما هو ظاهر من اسمها: تعمل الأربطة على ربط عظام المفصل بعضها ببعض، وتحديد المجال الحركي لها، ليتمكن العضو من التحرك كوحدة واحدة متصلة، وعند إصابة هذه الأربطة بالقطع؛ يضعف تماسك عظامه مع بعضها، وتصبح وحدة مفككة غير مترابطة، وبالتالي لا يستطيع المفصل أداء وظيفته الحركية كما ينبغي، ومن هنا أتت الشكوى الشائعة بـ”خيانة الركبة” عند جميع المصابين بالقطع في الرباط الصليبي، ويقصدون بهذا التعبير: ضعف ثبات الركبة، وعدم قدرتها على تحمل وزن الجسم، وانثنائها في مجالها الحركي الطبيعي.
ما هو الرباط الصليبي؟
الرباط الصليبي هو عبارة عن رباط ثنائي (رباط صليبي أمامي و رباط صليبي خلفي) داخلي في الركبة، يربط عظام الفخذ بعظام الساق من الداخل، وسمي بالرباط الصليبي نظرًا لوضعه التشريحي الثنائي شبه المتعامد، القريب من شكل أو هيئة الصليب.
قطع الرباط الصليبي:
يصاب الرباط الصليبي بالقطع أو التمزق مع الضغط الشديد عليه خارج المجال الحركي الطبيعي للمفصل، وذلك مع الدوران أو التوقف المفاجئ، أو مع الانزلاق أو السقوط و انثناء المفصل في اتجاه خاطئ، أو مع الهبوط على القدم بصورة خاطئة، وهكذا.. وعادة ما يكون الرباط الصليبي الأمامي هو الأكثر عرضة للقطع نظرًا لقابليته من حيث الوضع التشريحي لذلك، وبالتالي نجد أن نسبة الإصابة بتمزق الرباط الصليبي الخلفي تقتصر فقط على نحو 7% إلى 10% من إجمالي حالات الإصابة بتمزق أو انقطاع الرباط الصليبي بشكل عام.
العوامل المؤدية إلى الإصابة:
على عكس ما يشيع من اعتقاد: لا ترتبط النسبة الغالبة من إصابات القطع في الأربطة الصليبية بالصدمات أو الاحتكاكات المباشرة، بل ترتبط عادة بالحركة الخاطئة للمفصل، لذلك تحدث الإصابة مباشرة مع التعرض لواحد من هذه المواقف:
- التغيير المفاجئ للاتجاه في أثناء الركض (لمراوغة الخصم مثلًا في رياضة كرة القدم، أو غير ذلك).
- الهبوط الخاطئ على القدم من وضع القفز أو الوثب.
- الدوران الخاطئ مع ثبات القدم على الأرض.
- الاصطدام العنيف الذي يدفع مفصل الركبة إلى التحرك في اتجاه خاطئ.
- التوقف المفاجئ (أو الفرملة المفاجئة) بعد الجري بسرعة كبيرة.
- انزلاق القدم في أثناء الجري وتحرك مفصل الركبة في اتجاه خاطئ.
وبخلاف إصابات للرياضيين، يمكن أن تحدث الإصابة بقطع الرباط الصليبي للأشخاص العاديين مع الانزلاق على الدرج (السلالم) مثلًا، أو مع التعرض لحوادث السيارات، أو غير ذلك.
وبمجرد حدوث الإصابة، قد يسمع المصاب صوت تمزق الرباط في صورة “طقطقة”، ويشعر بألم فوري في الركبة، قد يصاحبه بعد ذلك بوقت قليل تورم وارتشاح في الركبة، مع عدم القدرة على الوقوف على القدم المصابة أو متابعة المشي عليها.
ما هي أنواع إصابات قطع الرباط الصليبي؟
تنقسم إصابات قطع الرباط الصليبي من حيث نوع الرباط المصاب إلى:
- إصابات قطع الرباط الصليبي الأمامي: وهي الإصابات الأكثر شيوعًا.
- إصابات قطع الرباط الصليبي الخلفي: وهي إصابات نادرة نسبيًا كما أشرنا، وتحدث عادةً مع الصدمات والحوادث.
وتنقسم إصابات قطع الرباط الصليبي من حيث حجم القطع أو درجة الإصابة إلى:
- إصابات القطع الجزئي: وفيها يظل الرباط محتفظًا باتصاله، على الرغم من وجود قطع في جزء منه.
- إصابات القطع الكلي: وفيها ينفصل الرباط بعضه عن بعض كليًا.
أعراض الإصابة:
في بعض حالات الإصابة الخفيفة أو البسيطة قد لا يشعر المريض بآلام شديدة أو حادة، ولا يعاني من أعراض مزعجة تدفعه إلى زيارة الطبيب، وفي حالات الإصابة المتوسطة يعاني المريض عادة من آلام متزايدة مع المشي أو مع صعود الدرج، أما في حالات الإصابة الشديدة يعاني المريض من آلام حادة، مع عدم ثبات الركبة أو استقرارها على الأرض في أثناء المشي أو الحركة، وقد يصاحب ذلك تورم الركبة نتيجة للارتشاح الحاصل بها.
تشخيص الإصابة، والترشيح لإجراء عملية الرباط الصليبي بالمنظار الجراحي:
يتم تشخيص إصابة الرباط الصليبي باستخدام الفحوصات الآتية:
- الفحص السريري: من خلال إجراء عدة اختبارات حركية لمفصل الركبة.
- الفحص الإشعاعي: من خلال تصوير الركبة بأشعة الرنين المغناطيسي، وهو إجراء بسيط وغير مؤلم، ويستغرق عادةً نحو ثلاثين دقيقة لتصوير الركبة بالكامل.
وبمجرد تشخيص الإصابة وتحديد نوع القطع وحجمه أو درجته؛ يتم ترشيح المريض لإجراء عملية الرباط الصليبي بالمنظار بشروط محددة
من أهمها:
- سن المريض: عادةً ما يتم ترشيح المرضى دون سن الأربعين لإجراء العملية.
- نوع القطع ودرجته: فإذا كان القطع جزئيًا بسيطًا ويمكن أن يلتئم باستخدام العلاج التحفظي لا يتم ترشيح المريض للعملية، أما إذا كان القطع كليًا ويؤثر بشكل كبير على ثبات الركبة يتم ترشيح المريض للعملية.
- النشاط البدني للمريض وطبيعة عمله.
- الإصابات المصاحبة: إذا كانت الركبة قد تضررت كليًا لوجود إصابة مصاحبة في الغضاريف أو في الأربطة الخارجية؛ فإن إجراء العملية يصبح أكثر أهمية، لاستعادة جزء من الوظيفة الحركية للركبة.
وتعد العوامل السابقة أيضًا عوامل حاسمة في تحديد تكلفة عملية الرباط الصليبي بالمنظار ، فحجم القطع وعمر المريض وطبيعة نشاطه والإصابات المصاحبة كلها أمور تؤثر على طبيعة الإجراء الجراحي والخطة العلاجية والبرنامج التأهيلي، مما يؤثر في النهاية على التكلفة الإجمالية للعملية.
ما هي عملية الرباط الصليبي بالمنظار ؟ وكيف يتم إجراؤها؟ وما هي أهم ميزاتها؟
قديمًا كانت عمليات إصلاح قطع الرباط الصليبي تتم من خلال الجراحة المفتوحة للركبة، ومع التطور الرهيب في جراحات المناظير، أصبحت تجرى هذه العملية باستخدام المنظار، وفي هذه العملية يتم إعادة بناء الرباط الصليبي المقطوع أو تعويضه بأربطة مأخوذة من أنسجة أخرى في الجسم، وقد وفرت هذه العملية للطبيب والمريض معًا عدة ميزات عن الجراحة التقليدية المفتوحة، من أهمها:
- سرعة تعافي المريض بعد العملية.
- لا تخلف العملية آثارًا أو ندوبًا جراحية كبيرة أو واضحة.
- ارتفاع نسبة نجاح العملية إلى ما فوق التسعين بالمئة أو أعلى من ذلك.
- انخفاض درجة الألم المصاحب للعملية.
ويجب ألا نغفل أن التعافي بعد العملية واستعادة الوظائف الحركية الكاملة لمفصل الركبة لا يعتمد فقط على الجراح، بل يعتمد أيضًا على التزام المريض بما يمليه عليه الجراح من نصائح بعد عملية الرباط الصليبي في مرحلة التأهيل والعلاج الطبيعي.
بعد العملية:
بعد إجراء العملية، يمر المصاب بالمراحل الآتية:
- في الأسبوعين الأولين بعد إجراء العملية: يستعين المريض بعكازين للمشي، وقد يحتاج إلى ارتداء دعامة للركبة لتثبيتها.
- بعد ستة أسابيع من العملية: يستعيد المريض قدرته على الوقوف والمشي بصورة شبه طبيعية، لكن يُمنع من القفز ومن الركض لحين إتمام البرنامج التأهيلي واستعادة قوة العضلات.
- بعد تسعة أشهر من العملية: يستطيع المريض العودة إلى جميع أنشطته البدنية بعد إتمام البرنامج التأهيلي والاطمئنان إلى قوة العضلات وثبات المفصل.